أبو الفتوح يكتب: طعنات حكومية .. ارتفاع للأسعار وخروج للصغار (1-2)

يبدو أن عام ٢٠٢٢ مليء بالأحداث الساخنة والمفاجآت الخبيثة والطعنات المتلاحقة والغير متوقعة؛ والتي قد تؤدي إلي الذهاب مباشرةً لغرف الإنعاش لمن لديه القدره علي الاستمرار، أما الضعيف وربما المتوسط أيضاً سيلقي حتفه متأثرا بهذه الطعنات لشدتها وتميزها بعنصر المفاجأة..

أرصد في هذا المقال الطعنة الأولي؛ التي أعتبرها الأكثر شدة وخطورة، والتي سينتج عنها ارتفاع في الأسعار، وخروج عدد كبير من التجار وبعض الوكلاء من السوق المصرية خلال الفترة القادمة..

الطعنة الأولى؛ والتي تعتبر القاضية بحق هي قرار محافظ البنك المركزي طارق عامر بوقف التعامل علي التحويلات النقدية، والاعتماد فقط علي الاعتمادات المستندية، والذي أصدره صباح يوم الثلاثاء الماضي، ونتج عنه بعد ساعات قليلة حالة من الغضب والاضطراب لكافة الشركات المستوردة بمختلف أنشطتها وتوجهاتها، مما أدى إلي عقد اجتماعٍ طارئ وصدور بيان شديد اللهجة مستعيناً بطلب ورجاء لمجلس الوزراء بوقف هذا القرار.

وبما أننا دولة ديمقراطية تم اللجوء إلي جلسات نقاش مع كبار المستوردين استغرقت ساعاتٍ طويلة؛ ليظهر بعدها محافظ المركزي ببيان صحفي يؤكد أن القرار سينفذ وأن كافة البنوك ستلبي النداء وتنصاع للقرار، مع توضيح لبعض النقاط محمل الجدل، واستثناء العديد من السلع، وللأسف لم تندرج السيارات ولا قطع الغيار تحت هذه القائمة.

أعترف أن هذا القرار الاقتصادي متميز جداً بالطبع لمواجهة العديد من التلاعبات في السوق، ويعتبر خطوة إيجابية لتفعيل الفاتورة الموحدة، والحد من التلاعب في السوق الغير رسمية بشكل عام، وستعتمد هذه الخطوة علي تفعيل الدورالرقابي والتنفيذي، وتحريك البنوك وزيادة مواردها لمواجهة حالة التضخم، وربما هناك أحداث اقتصادية سيئة أخري قد تظهر خلال الفترة القادمة، ليكون هذا القرار بمثابة إجراءٍ احترازيٍ لها.

والأسئلة الشائعة التي ترددت داخل قطاع السيارات خلال الساعات الماضية هي..

ما هو القرار؟ وما مدي تأثيره علينا؟

للأسف هذا القرار سيؤثر بشكل مباشر وسريع في قطاع السيارات، وسترتفع الأسعار، وسيختفي عدد كبير من الوكلاء

نعم أعيدها مرة أخري؛ سترتفع الأسعار وسيختفي بعض الوكلاء

الأسباب بسيطة جدا.. فالفرق بين تحويل أموال وبين اعتماد مستندي بكل بساطة يكمن في أربعة بنود:

١في حالة التحويل النقدي لا يوجد تحمل لأي أعباء إضافية سوى نسبة لا تتعدي ٢٪؜ من قيمة التحويل النقدي ( عمولة )،بينما في حالة الاعتماد المستندي فهناك فائدة للبنك سواء تلك الخاصة برسوم فتح الاعتماد، أو رسوم فائدة للبنك المحول إليه خارج مصر، أو رسوم الفائدة علي الاقتراض، وغيرها.

ببساطه يتحمل الوكيل مصروفات إضافية جديدة لم تكن من ضمن حسبات الوكيل، وبالتالي سيتم إضافتها علي المنتج النهائي، ومن هنا ستأتي زيادة الأسعار.

٢الفترة الزمنية للاعتماد تتراوح من ٣ إلي ٦ شهور؛ وبالطبع عليها قواعد ورقية عنيفة وفوائد، وقدرة مالية علي دفع ما يقرب من ١١٠٪؜ من حجم الصفقة.

٣معظم الشركات كانت تقوم بالدفع عند الاستلام أو تحصل علي فترات مختلفة للدفع؛ وهذا يجعل لديها قدرة علي استيراد كميات كبيرة علي مراحل مختلفة، وهو ما يجعل دوران رأس المال هنا أسرع وأسهل.

بينما في القرار الجديد يبدأ الدفع عند فتح الاعتماد، أي تلتزم الشركة بدفع القيمة التي تم الاتفاق عليها كاملة، ويكون البنك هو المسئول والضامن لتنفيذ الاتفاق، وهنا تنتظر الشركة فترة طويلة لحين الاستلام، وبالتالي تحتاج دورة رأس المال المدفوع فترة زمنية أطول لتكتمل، ومن هنا تأتي الزيادة علي المنتج النهائي كنسبة تحمل لدوران السيولة.

٤وهي الأهم؛ أن هناك شركات كثيرة في العالم لا تعتمد علي الاعتمادات، وترفع شعاركاش يا بلاش“.. هذه الشركات لن نراها مره أخرى في مصر،

ومن خلال متابعتي البسيطة أتوقع أن ينخفض عدد المنتجات القادمة من آسيا وتحديداً الصين فهم لا يطبقون بشكل عام نظرية الاعتماد المستندي ( نظامهم كده )..

لذلك فالتجار؛ أو بمعنى أدق، المستوردون، خاصةً من يستوردون السيارات من أوروبا أصبحوا الآن داخل نفق مظلم، بل يمكن القول أن هذه الطعنة أدت بهم إلي الوفاة الإكلينيكية، ووجب عليهم في حالة الرغبة في الحياة الالتفاف بطرق جديدة حول القرار ليتمكنوا من الاستيراد بطريقة الاعتماد المستندي .. ورغم صعوبة ذلك إلا أن الخبرات السابقة تؤكد أننا نستطيع فعل أي شيء.

أما الجانب الآخر من القرار فهو الارتفاع الكبير في أسعار قطع الغيار؛ خاصةً في ظل تفعيل قانون وزارة التجارةالطعنة الثانية التي سأستفيض فيها المقال القادممع تطبيق قرار المركزي.

وعلى الرغم من أن كل هذه الأحداث تأتي في المقام الأول في مصلحة الدولة، وهذا ما نسعي إليه جميعاً، ولكن المتحمل الوحيد لهذه التعديلات هو المستهلك فقط.

ومن هنا أرجو وأطالب بقوة بتفعيل المراقبة علي الأسعار؛ حتي لا يستغلها التجار وأنصاف المهنة في التحكم والتلاعب بالمستهلك، فسوف نري الأيام القادمة طرق للتلاعب والتي أتمنى ألا تحدث ..

ويظل البقاء للأفضل..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى