حوار خاص| تالونز أكاديمي بالإسكندرية: تحويل الموهبة إلى مشروع احترافى

فى وقتٍ تشهد فيه رياضة المحركات في مصر حالة من الحراك المتزايد، بين شغف الهواة وطموحات الاحتراف، يبرز دور الأكاديميات المتخصصة كحلقة وصل حقيقية بين الموهبة الخام والمسار الرسمي المعتمد، وبين نقص الحلبات، ارتفاع التكاليف والحاجة إلى تنظيم مؤسسي يحمي الشباب من الانزلاق نحو الممارسات غير القانونية، تفرض بعض التجارب الجادة نفسها على المشهد.
من داخل استاد الإسكندرية الدولي، حيث يُدار أحد أهم المسارات المغلقة المعتمدة للتدريب، يفتح الحوار التي أجرته “إيجيبت أوتوموتيف” مع كابتن/ محمد تالون – مؤسس ومدير تالونز أكاديمي لرياضة السيارات Talons’ Motorsport Academy، والمشرف على برامج إعداد السائقين والناشئين (Juniors) ملف إعداد السائقين، وكيف يمكن تحويل الشغف برياضة السيارات إلى مسار آمن، منظم، وقابل للاستمرار محلياً ودولياً، وفق معايير عالمية، وكذلك الحديث عن التجربة، والتحديات، وكيف يمكن بناء جيل جديد من متسابقي رياضة السيارات فى مصر.
لنبدأ بالحديث عن نشأة تالونز أكاديمي لرياضة السيارات.
قال “تالون” أن الأكاديمية بدأت عام 2001، وقد بدأت بتعليم قيادة السيارات العادية ووضع منهج للتعليم متطور عن المعتاد، كما تم استخدام سيارات حديثة وقتها فى التعليم، ثم تطور النشاط إلى تعليم وتدريب ميكانيكا السيارات عمليا على محركات وسيارات متنوعة لجميع الفئات والجنسيات والاعمار، ثم تعليم رياضة السيارات باستخدام سيارات الأكاديمية، وتطور الوضع إلى تعليم القيادة الوقائية والدفاعية منذ عام 2004، وهى مرحلة متطورة في القيادة العامة واستخدام رياضة السيارات ومهاراتها، وكيفية التحكم فى السيارة فى المواقف الطارئة مثل: انحراف السيارة عن المسار وإعادتها إليه، فقدان الفرامل العادية والتحكم بهدوء في إيقاف السيارة ، انجراف السياره نتيجة زيت أو مياه على الأسفلت وكيفية التحكم فيها، انفجار أحد الإطارات… وهكذا.
س: ما هي رؤية تالونز أكاديمي لرياضة السيارات الأساسية ؟
ج: الرؤية تنطلق من هدف واضح وهو زيادة عدد المتدربين المؤهلين للانضمام إلى السباقات الرسمية المعتمدة، مع إبعاد الشباب تماماً عن أى شكل من أشكال القيادة التهورية أو التسابق غير القانوني فى الشوارع العامة، كذلك نشر رياضة السيارات بمختلف أنواعها على مستوى الجمهورية، وبناء كوادر جديدة من الأشبال، يتم تأسيسهم بشكل علمى ومنظم يؤهلهم للإنضمام الى المنافسات المحلية ثم الدولية.
س: كيف يتم تقييم المواهب، وهل توجد فجوة بين الطموح والإمكانات؟
ج: بالفعل، هناك فجوة حقيقية. لذلك نظمت الأكاديمية عدداً من البطولات التدريبية المجانية للأشبال ومحبي رياضة السيارات، تم خلالها التدريب المبدئى ثم التقييم من حيث الاستيعاب والاستعداد. من يثبت تميزه يحصل على دعم كامل لاستكمال تدريبه مجاناً.
التقييم العام إيجابى للغاية، سواء من حيث الدعم الحكومى، أو الجهات الرسمية، أو حتى أولياء الأمور، لكن الطموح دائماً أكبر من الإمكانات، وهنا يأتى دور الأكاديمية فى سد هذه الفجوة.
س: ما الذى توفره الأكاديمية عملياً لدعم المتدربين؟
ج: نوفر سيارات مجهزة بالكامل لرياضة السيارات، ومكاناً رسمياً مؤمناً ومغلقاً هو تراك استاد الإسكندرية الدولي، بالإضافة إلى سهولة نقل المعلومات من خلال مدربين من ذوي خبرة، مع دعم فنى وميكانيكي ومادي يؤهل المتدربين للانضمام للبطولات الرسمية.
س: ما هو دور الأكاديمية فى تطوير مشهد رياضة السيارات فى مصر؟
ج: تسعى الأكاديمية دائماً لتطوير المشهد بشكل مستمر، وذلك من خلال:
1. تنظيم السباقات الرسمية بأنواعها المختلفة، مثل سباقات الدفع الرباعى 4×4 وسباقات الطرق العادية، وابتكار أنواع جديدة لم تكن موجودة سابقاً على مستوى الجمهورية.
2. إدخال وتطوير سباقات WRC-Style لأول مرة فى الساحل الشمالى، بالتعاون مع نادى السيارات والرحلات المصرى ووزارة الشباب والرياضة، وارتباطها بالسياحة الرياضية لتعزيز الترويج للمنطقة.
3. تشجيع مشاركة عدد أكبر من السيارات والفئات الجديدة، مثل سيارات الدفع الرباعى Normal & Stock، مما سمح لمتسابقين لم يشاركوا من قبل بالدخول فى فعاليات منظمة.
4. رفع مستوى الهواة إلى الاحتراف من خلال التدريب المكثف والبرامج المؤسسية، مما يسهم فى نشر رياضة السيارات بشكل آمن ومنظم على مستوى الجمهورية.
بهذه الخطوات، تسهم الأكاديمية فى تحويل رياضة السيارات من هواية فردية إلى منظومة متكاملة، تخدم المتدربين، الرعاة، والجهات الرسمية على حد سواء.
س: ما هى برامج التدريب داخل الأكاديمية؟
ج: برامج التدريب تشمل عدة تخصصات، مثل السرعة، الدرفت، والأوف رود أو الرالى كروس. لكل نوع برنامج موحد بعناصر تدريبية واضحة، ولا ينتقل المتدرب إلى المرحلة الأصعب إلا بعد تحقيق ما لا يقل عن ٨٠٪ من كل عنصر. ترتيب العناصر قد يختلف من متدرب لآخر حسب الاستعداد وقدرة الاستيعاب، وقد تتم إعادة بعض المحاضرات إذا لزم الأمر لضمان الجاهزية الكاملة.
س: إلى أي مدى تلتزم الأكاديمية بمعايير الاتحاد الدولي لرياضة السيارات FIA؟
ج: جميع التدريبات تتم وفق معايير الإتحاد الدولى FIA بدءاً من تجهيز التراك، مروراً بالإعداد الفنى والميكانيكي للسيارات، والمعدات الإلزامية مثل الخوذ ووسائل الأمان، وصولاً إلى أجهزة التواصل اللاسلكي، وفرق الإسعاف والإطفاء، والدعم الميكانيكى الكامل. هذا الالتزام لا يضمن الأمان فقط، بل يضع المتدرب منذ البداية على نفس المسار المعتمد دولياً.
س: كيف يتم التقييم النفسي والفني للمتدربين؟
ج: بعد انتهاء كل دورة تدريبية، يخضع المتدرب لاختبار شامل، ولابد من الحصول على 80٪ على الأقل للانتقال إلى المستوى الأعلى أو للانضمام إلى أول سباق رسمي إذا كان مستواه يؤهله لذلك.
س: هل يمر المتدرب باختبارات قبل الدخول الفعلي للقيادة؟
ج: نعم، نبدأ باختبارات قيادة عامة، ثم اختبارات خاصة برياضة السيارات لتحديد مستوى المتدرب بدقة. بعدها يتم التدريب على أجهزة المحاكاة لتحليل السلوك النفسى والإدراكى وسرعة رد الفعل، قبل اختيار السيارة والمدرب المناسبين لكل حالة.
س: ماذا عن أدوات التحليل والمتابعة؟
ج: لا نمتلك حالياً أجهزة تحليل رقمية متقدمة، لكن يوجد مدرب ومراقب عام يتابعان الأداء بشكل مستمر. بعد كل تدريب يتم إعداد تقرير مفصل يوضح الأخطاء وكيفية تفاديها، بحيث يكون أى مدرب لاحق على دراية كاملة بتاريخ المتدرب وكيفية التعامل معه نفسياً وعملياً.
س: هل تمتلك الأكاديمية مضمار خاص؟
ج: حتى الآن نعتمد على أماكن رسمية مثل تراك استاد الإسكندرية الدولي، لكن امتلاك مضمار خاص هو أكبر تحدٍ مستقبلى نسعى لتحقيقه، بالرغم من ذلك، نحظى بدعم كامل من الجهات الرسمية لتوفير بيئة تدريبية آمنة ومؤهلة لجميع الفئات.

س: هل لدى الأكاديمية خطط للتوسع الجغرافى أو دور فى دعم السياحة الرياضية داخل مصر؟
ج: بالفعل، للأكاديمية تجربة سابقة فى هذا الإطار، حيث قمنا بفتح فرع فى شرم الشيخ خلال الفترة من 2015 إلى 2016 وكان الهدف الأساسي هو تنشيط السياحة الرياضية وربط رياضة المحركات بالمدن السياحية، وهو ما لاقى اهتماماً جيداً فى ذلك الوقت.
وعلى مستوى الخطط المستقبلية، نعمل حالياً على التجهيز لافتتاح فرع الأكاديمية فى القاهرة، والمقرر له ـ بإذن الله ـ بداية مارس 2026، ليكون خطوة جديدة نحو توسيع قاعدة ممارسة رياضة السيارات، والوصول إلى شريحة أكبر من الشباب والهواة فى مختلف المحافظات.

س: ما البطولات والفعاليات التي نظمتها أو شاركت فيها الأكاديمية ؟
ج: الأكاديمية قامت بتنظيم والمشاركة فى مجموعة واسعة من البطولات والفعاليات الرسمية والمدعومة رسمياً، من أبرزها:
• Talons Academy Mega Race فى 2023، وهو سباق شامل فى الساحل الشمالى مشترك بين سيارات الدفع الرباعى فى تراك Off-Road وحوله سباق On-Road للدفع الأمامى والدفع الخلفى والدفع الكلى مع نظام توقيت خاص لكل فئة وقد نجحت الفكرة ولاقت قبولاً رائعاً.
• Talons Mega Race فى 2023، أول سباق من نوع WRC فى الساحل الشمالى بالتعاون مع نادى السيارات والرحلات المصرى ووزارة الشباب والرياضة، مع رعاية الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة.
• بطولة RTS الرسمية فى 2023 شارك فيها الأشبال بسيارات الأكاديمية الحقيقية.
• بطولات Rev It Up 2024 – 2025 متتابعة لتطوير مهارات المتدربين على مختلف أنواع السباقات.
• سباق MIMC North Coast الرسمي فى 2023 شارك فيه المتدربون الناشئون.
• فعاليات التدريب المجانية على مدار السنوات 2010، 2015، 2017، 2018، 2020، 2022، 2023 داخل استاد الإسكندرية الدولى، لدعم الشباب الموهوبين وإتاحة الفرصة للهواة لتجربة السيارات المجهزة دون أى تكلفة.
• كما شارك الأشبال في سباقات الكارتينج والرالي، وحصلوا على مراكز متقدمة، أبرزها المتسابقة مايا محمد بعمر 12 عاماً بسيارة BMW E30 سعة 2500 سى سى
تلك البطولات والفعاليات تمثل حجر الأساس فى استراتيجية الأكاديمية لنقل الهواة نحو المسار الاحترافى، مع ضمان الالتزام بالمعايير الدولية تحت إشراف الإتحاد FIA والجهات الرسمية المصرية.

س: ما تكلفة برامج التدريب داخل الأكاديمية؟
ج: تختلف تكلفة برامج التدريب حسب نوع السباق وصعوبة البرنامج:
• برامج Speed أو السرعة الأساسية تكون أقل تكلفة نسبياً.
• برامج Rally / Off-Road أعلى تكلفة بسبب متطلبات التدريب على التضاريس المتنوعة واستخدام سيارات الدفع الرباعى.
• برنامج Drift يعتبرالأكثر تكلفة، لأنه يستهلك كمية كبيرة من الإطارات، ويؤثر على المحرك، ويستهلك كميات أكبر من البنزين والإيثانول، بالإضافة إلى الجهد المبذول من المدربين والفنيين.
على الرغم من هذه التكاليف المرتفعة، تحرص الأكاديمية على دعم المواهب الشابة وتقديم بعض البرامج التدريبية مجاناً من وقت لآخر، تحت إشراف الجهات الرسمية، بهدف تشجيع الهواة على ممارسة رياضة السيارات بشكل آمن ومؤسس، ورفع العبء المادى عنهم قدر الإمكان.
س: هل هناك دعم من الجهات الرسمية؟ وما دور نادي السيارات والرحلات المصري مع الأكاديمية؟
ج: بالتأكيد، أقيمت معظم البطولات والفعاليات تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة، والإدارة المركزية للسياحة والمصايف، والهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة.
هذا وتتعاون الأكاديمية بشكل دائم مع نادى السيارات والرحلات المصرى، بإعتباره الممثل الرسمى للاتحاد الدولى FIA فى مصر، والشريك الرئيسى فى جميع برامج التدريب والسباقات الرسمية. نقدم للنادى تقارير دورية عن احتياجات المتدربين والمتسابقين وأبرز التحديات، لضمان تطوير بيئة التدريب والسباقات بشكل مستمر. وبفضل هذا التعاون، يتمكن المتدربون من التدريب وفق أعلى معايير السلامة والاحترافية الدولية، ويكتسبون مساراً واضحاً للانضمام إلى البطولات الرسمية محلياً ودولياً. كما يُسهل النادى استخراج الرخص الرياضية المعتمدة، وتنظيم البطولات المحلية، ومتابعة أداء المتدربين، بما يضمن التزام الأكاديمية بالمعايير الدولية واستدامة جودة برامجها.
علاوة على ذلك، كان لنا شرف حضور اجتماعات هامة مع السيد محمد بن سليم، رئيس الاتحاد الدولى للسيارات FIA، الذي اطلع على برامج الأكاديمية وأشاد بالأشبال، خصوصاً كونهم أول جيل Juniors يشارك فى السباقات الرسمية بسيارات الأكاديمية الحقيقية، وليس كارتينج فقط. هذا الدور يعزز مصداقية الأكاديمية ويوفر للمتدربين مساراً احترافياً معترفاً به دولياً.
س: ما نسبة المدربين إلى المتدربين داخل الأكاديمية؟
ج: نسبة المدربين إلى المتدربين مناسبة جداً فى الوقت الحالى، خاصة أن تدريب كل متدرب فى رياضة السيارات يتطلب مدرباً متخصصاً ومؤهلاً، وهو أمر مكلف ويحتاج إلى خبرة عالية. لذلك نحرص على أن يكون لكل مدرب عدد محدد من المتدربين، مع متابعة دقيقة لضمان حصول كل متدرب على التدريب الفردى والاهتمام اللازم، بما يحقق أقصى استفادة ويضمن سلامته أثناء التدريب.
س: ما الإجراءات الأمنية المتبعة أثناء التدريب والسباقات؟
ج: نحرص على توفير أعلى مستويات الأمان للمتدربين، بدايةً من التراك المغلق المخصص للتدريب، مع وجود سيارات إسعاف وفريق من الهلال الأحمر المصرى خلال التدريبات والفعاليات الكبيرة. كما تتواجد فرق إطفاء متخصصة، وفنيون لمتابعة سلامة المعدات وأحزمة الأمان والخوذ. جميع المدربين على دراية بالإسعافات الأولية ومجهزون بالأدوات اللازمة للتدخل السريع عند الحاجة. بالإضافة إلى ذلك، يتم توقيع المتدربين على إقرار بخلوهم من أمراض قد تؤثر على سلامتهم أثناء القيادة، مثل الضغط أو القلب أو الصرع وغيرها لضمان بيئة تدريبية آمنة تماماً.

س: ما أبرز التحديات التى تواجه الأكاديمية؟
ج: أهم التحديات ارتفاع أسعار السيارات وقطع الغيار والكاوتش، ونقص الحلبات الرسمية المرخصة وارتفاع تكلفة الإيجارات، لكننا نواجهها عبر التعاون مع الجهات الرسمية وتنظيم برامج تدريبية مدروسة، وخلق فرص للرعاة والداعمين.
وكما نرى فإن ما تقدمه أكاديمية تالون موتورسبورت ليس مجرد تدريب على القيادة، بل محاولة جادة لتحويل رياضة المحركات فى مصر من ظاهرة عشوائية إلى مسار احترافى منضبط… هى محاولة تستحق التوقف أمامها، والدعم الكامل لها، إذا أردنا لهذه الرياضة أن تجد مكانها الطبيعى على الخريطة الإقليمية.





